مرحباً بالشتاء الذي تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام، رغم هدوء ليالي الشتاء إلّا أنك تجد ضجيجاً داخل قلبك أينما ذهبت، عيونك لا تحكي سوى الحزن، تجلس وحيداً حائراً بأحزانك، محملاً بهمومك وأشجانك في، غرفتك المظلمة لا تسمع سوى صوت وقع المطر، فيعيد الحياة لك. اليوم شديد البروده ومنكسر خاطر الورد، نوبة شتاء وثلج وبقايا حديقة، ما بان لون الورد في حزة البرد، ضاعت ملامح بهجتهِ في دقيقة.
عشق الشتاء لأن تلك القوة التي
تجعلك تتخلّص من أغطيتك الدافئة في جنح الليل لتتحمّل برودة المياه، تشعرني بدفء
. على نافذتي المطلة على البحر
تتناثر قطرات المطر بهدوء ورقّة وكأنها تهم بصوت خافت تفاءلوا.
الشتاء فصل وينتهي، ولكن إحذر
أن يصيب قلبي شتاء فأي شمس ستذيب الجليد عليه. أعشق
الشتاء لأن المطرَ دائماً يشعرني بالطمأنينة
فهناك ربٌّ لن يضيّعنا. يبرد وشتاء وشوق وحنين وأنا وقلبي منتظر، وصل إحساسي فوق
للسماء يدور دفاً يشكي عنا برد وجفى والغيم يوحي للقاء. في شتاء ماض ٍ، انهمرت
قطرات المطر على الطريق الرمادي، كأنّ تلك القطرات دموعي، وذاك الطريق وجهي،
شَعرتُ ببرد قارص في تلك الأمسية الشتائية التي ابتلعت ريحها صوتي، لكن ثمّة صوتاً بعث الدفء إلى قلبي،
هو صوته صوت المطر
جاءَ الشتاءُ
وروحي في حرائقِها
وما أزالُ أُداري سرَّ إحراقي
الناسُ تُوقدُ في بَرْدِ الدجى حطباً
وإن قسا البَرْدُ بي أوقدتُ أشواقي
جاءَ الشِّتاءُ بِغَيْمِهِ مُتَحَجِّبا
أهلاً بِسُلْطانِ الفُصُولِ ومَرْحَبا
أعْظِمْ بِهِ مَلِكاً عَلَيْهِ مَهابَةٌ
عَمَّتْ كتائِبُهُ الأباطِحَ والرُّبا
فَصْلٌ تَوزَّعَ كُلُّ فَصْلٍ فَضْلَهُ
فَنَما وآنقَ حُسْنُهُ أو أخْصَبا
كلّنا نحبّ رائحة المطر، فالمطر
بحمل رائحة الأرض الندية، ويُشكّلها كأجمل العطور الفاخرة، وفي رياح الشّتاء تأتي
السّحب المليئة بالماء، لتسكب خيراتها فوق الجميع.
سماء ملبدة
بالغيوم ورذاذ أمطار يغسل الوجوه، وحركة الطرق مستقرة تدب الشوارع بالناس، فلا
يوقفهم قليل من أمطار عن قضاء حوائجهم، لكن منهم من تقلقه هذه الأجواء ومنهم من
تجده فرحاً سعيداً نشيطاً في هذه الأوقات، لكنهم على يقين بأنه يوم من أيام ليل
الشتاء. لم يَحن الوقت بعد للفراق فما زال لدينا وقت للأخذ والعطاء،هكذا تقول حبات
المطر
- إنّ المطر صاحب رونقٍ خاص، فهو
الذي نراه يأتي بقطراته العذبة، وينشر علينا رائحته الجميلة الفواحة، ويثير
في قلوبنا الأمل والتفاؤل، ويُخبرنا أنّ الخير موجودٌ على الدّوام، وهو ما
يعلّمنا الصّبر.
اشتقنا أن تقرع قطرات المطر نوافذنا، وذلك حتّى
تعمّ السّعادة أرجاء قلوبنا، فمع لمسات المطر على وجنات المدينة الصغيرة، سنشتمّ
في أنفاسه رائحة العطر الفواحة.
لقد وصل الشّتاء بعد طول انتظار، وقد نزلت أوّل
حباته كما اللؤلؤ والألماس، ولمّا حلّ الشتاء قفزت من فوق أريكتي المريحة، وذهبت
لشرفتي لأطلّ على حبّات المطر وهي تتساقط فوق التراب، وبللت يدي ببعض تلك القطرات،
ودعوت الله أن يرزقنا كلّ الخير وأن يزيد من الأمطار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق